الأربعاء، 2 مارس 2011

لا تشبه شائبة ..

مدخل :

لأننا لا نُدرِك حقيقة الفقد إلا حينما نمر من خلاله , فالفقد مسألة جزئية من حكمةٍ أكبر بكثير , و ليس بين بني البشر
و بينها حائِل , إنما هي جزءٌ لا يتجزأ من حياتِهم , بل و قد يكون الأساس لنجاحٍ كبير و فشلٍ أكبر , لأنها و بكل
بساطة و رغم المحاولة لا تفنى إلا بفنائهم .
:

القدرة العجيبة على وضع حدود مصيرية , و شخص أمام شخص هي من خضم حياة البشر , فالمُقارنة و الندّية
و التضحية هي مشاعِر يكُنُّها كل منهم للآخر و كُل جماعةٍ لأُخرى , ليس للقدر دخلٌ بذلِك و ليس جدير بنا أن
نرمي عليه هفواتنا و أخطائنا , لأنه فقط سبيل لألا نشعر بالندم .

فالمقارنة تلعب دوراً أخاذاً في دور عرضنا , فهي أشبه بصراعات بين جيل و آخر و طبقة و أُخرى و سبب
و آخر , لاعتقاد كُل فرد بأنه دائماً بوضع أقل من غيرِه , و جيل أقل من جيلٍ يليه أو يسبقُه , هذه حالةَ يستُعصى
حلُها , لكون من تدور رحى حياتِهم عليها مرضى لن يشفوا .

فمقارنة أُخت جميلة بأُخت أقل منها جمالاً , أو امرأة كادحة بامرأة تتذمّر , أو رجُل صالِح برجُل سيء
السمعة , و قد يُقارن سوء فتى بصلاح أبيه , أو سوء أُم بأخلاق بناتِها , و النهش بالأعراض ..!

وللندّية في الحياة وضع خطير و مُخيف , إذا أنت و أنت لا تعلم تقع نداً لفرد آخر لمجرد أنك صححت
له أو و وضّحت له وجهةَ نظرٍ بطريقتِك , فيعتقِد أنك أجبرته بأن يجعلك نُداً له , و يعامِلُك بسوء لأجل
فقط أنه لا يُريد منك أن تُقيم أمراً طرحه للتقييم , و تندرج أسفلُها العُنصرية و العصبية القبلية ..

و إذا ما خُضنا في الحديث عن العُنصرية لرأيتم بأن كُل شيء وجِد ليُعاكِسُه أمر , ينشأ بينهما عُنصرية غريبة
فقط لأن الفرد العُنصري قد وجد من نفسه الأعظم , كمشاكِل لون البشرة و الطبقات الثرية و الفقيرة و غيرها
مما يجعل بعض ذوي البشرة البيضاء يعتقدون بأنهم سادةُ الأرض و إن لون بشرتهم هو المُختار و من هم دون
ذلِك يجب أن يعيشوا بذل لهم و كأنهم كالعبيد و هذا فعل شنيع كما كان حاصل في الولايات المتحدة الأمريكية , بينما
الطبقات الفقيرة تقع تحت وطأة الطبقات الثرية إذ تجعلها كالخدم أيضاً لكِن فقط لأنها لا تملِك المال , و لما تختلِف
هذه في أي دولة بالعالم ففي الولايات المتحدة الأمريكية الطبقة الوسطى معدومة تماماً إذ لا توجد إلا طبقة مخملية
ثرية و طبقة فقيرة و لا يوجد ما يسمى ( بين البين ) فقد تلاشت هذه الطبقة , كذلِك العصبية القبلية لها نتائج غريبة
نوعاً ما إذ يشتهر بوجودها العرب , حيث تختلف قبيلة مع قبيلة أُخرى و لأمور قد تكون تافهة و يتوارث هذا العصبية
الأبناء فإذا نُودي فُلان من تِلك القبيلة أثار حمية القبيلة المُضاّدة و العكس , و كما لو كُنّا بالجاهلية ..!

التضحية قد تكون السيئة الكبيرة بينهم إذا ما أُخِذت لجانِب آخر و بظن سوء , فالبعض لخُبث نواياه يعتقد الآخرين
مِثله , فيقذفهم دون أن يعلم أنا ما فعلوه جزء من شيم أخلاقهم و تصرف نبيل نشئوا عليه , كما يحصُل حين تُضحي
المرأة من أجل أبنائها بعد طلاقها , ليظُّن الناس رغبتها بزوجها الأول أو حينما يُضّحي الرجُل بالبقاء وفياً لزوجته
الراحِلة فيعتقد الناس زواجه بالسّر أو حينما يتنازل رجُل رزين لمتهّور لعبور الطريق و يظّن المتهور أنه أنتصر
عليه , و ليعلم حينها أن النُبل من تصرفه هو ما جعله منتصراً , قد تبغض هذه الشخصيات كثيراً لكن لابُّد لنا أن
نعيش مع أحدهم أو قد نكون نحن أحدهم ॥
مخرج :
المجزوم في هذا البوح أن نتوقف عن إيذاء الناس و مشاعرهم و تحريك
ذبذبات دخيلة علينا في تجسيد حياتنا , علينا أن نمزق تفه الجاهلية و التجرّد كُلياً منه , و الأخذ بالنصيحة , و التراجع
عن الظن بالسوء , حينها سنعيش الإسلام سليماً لا تشبه شائبة ..


بقلم : أريج .
27 / 3 / 1432 هـ - الرابعة مساءً .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

" فيضوا بِما لديكُم "