تحوّلت أطباعُها , أصبحت هي هو من دون ألا تشعر , تلبست قسوته
و أبت إلا أن تقتات منه , متيقنة أن هذا انتِقامها الأعظم , أدركت
أنه لابُّد لذاك الرجل من يوم يتذكّر ما خطتّه يداه على الضعيفات اللاتي كُّنا
تحت رحمتِه , و صارعت لتريه أنها الأقوى , نست أنوثتها الآسرة
التي كانت تذل لها أقسى الرجال و ضيّعتها في الهواء و استبدلتها
بقوتِه التي كانت تتوقع أنها بها ستستعبده , أرغمت ذاتها الناعِمة على الرجولة
القاسية فقط لتُحقق رغبة الانتقام التي كانت تُسيرُها و وظفتها لتنهي بها جبروته
عليه كما كانت تعتقد , و نسيت بأن (( يداً واحِدة لا تُصّفق )) و أنه لابُّد من اليد
الأخرى لتتوازن الحياة , استحوذت عليها أفكارٌ جهنمية إنما تقودُها إلى الهلاك
المُحتّم لا محالة , أنكرت جّل النصائِح و عزمت على الخطوة الأولى إلى
الهاوية , تعّرت من أنوثتها القابعة في أعماقها و تركتها تثور من
الخارج , بينما اكتست ثوباً أخر داخلياً , ثوباً يعني الرجولة , ثوبٌ لا
طالما تمنّت أن تقترِب مِنه أو أن تتحّصل عليه , فلُعِنت شر لعنة , رفضّت
أن تعيش وحيدة فاجترت معها ملعوناتٌ أُخريات يشاركنها المعصية التي زينّتها
و كأنها فاكِهةٌ على طبقٍ من ذهب تتلذذ بها و من معها , لم تكُّن تمكُث
في مسقط رأسِها آن ذاك , ما كانت الجُرأة ستدفعُها أن تتحرر بما يكفي
في بلدِها , و ما كنت تقوى هُناك على التمّرُد , فاختارت الغُربة بدايةً
لسِلسِلة الضعف المجتّر بالانتِقام , تجرّدت تماماً من إنسانيتها
المُتغلغِلة في خفايا روحِها قبل أن تترُك طريق الفتاة العشرينية
ذات الملامِح الأنثوية و البراءة التي كانت تُذيب قلوب الرِجال
حولِها , لازالت فوق سريرُها تُفكِر ماذا قد تُذنِبُ غداً , أو بِمَن
ستبدأ مشوار النِهاية , مر مِن على شِفاهها شبح ابتِسامة تذكّرت
رجُلها الذي هو فقط من جميع جنسِه سوف لن تؤذيه , ستُزيلهم و
ستُبقيه , لابُّد أن يضل هو فقط لأن نبض قلبُها من دونِه صدقاً سوف يتوقف .
أنوثتِها الطاغية هي و من معها سرهن الدفين لتمزيق بني الجنس الآخر
أنوثتِها الطاغية هي و من معها سرهن الدفين لتمزيق بني الجنس الآخر
أو من أبت إلا أن تكون منهُم , تعرّفت على كثُر و دمّرت أي رجل مر
بطريقها بمُختلف الأساليب و بشتى الطرّق , لم يستطّع أحد الإفلات
من شِباكِها , كان تُحكِم الاقتِناص , و تتصّيد الأوقات المُناسِبة , سِحرُ
عينيها و ابتسامتِها الشفافة لا رِجال الغرب و لا الشرق استطاعوا
النجاة من غدرِها , كانت أشبه بالطاعون , حوّلت نهار عُشاقِها
سواداً حالِكاً , كانت تُنهي ضحيتها في زمنٍ يُّعدُ قياسياً , تُثير إعجاب
فتياتِها التي يرغبن في مُجاراتِها , كانت تعصِّف فيهن (( نحن لا نعرِفُ الحُّب ))
امتثلن كُلهن للأوامِر , أرغمتهن على الطاعة , قضت على ما يُقارِب ضُعف
طُلاّب جامِعتها , ثارت من هذا المكان الشكوك , أنهت علاقات فتياتِها , كانت
تُعيد مِراراً و تِكراراً اسطِوانة (( لا حُّب )) أمرتهّن و نسيت نفسها , اكتشفتها
إحداهُن , فأوقعت بنبضِ قلبِها , أرته مخططاتهم , بينّت له ما كان محظوراً عليه
معرِفتِه , لم يُصدِق استفسرَ و لم يجد من جوابٍ يُشفي ما في جوفِه من تساؤلات , كانت
تتمتع في تعامِلُها بالسرّية , إلى أن بانت الحقائق و انكشف المستور , شيءٌ يفوق المعقول , جُّن .
علِمت هي , تسللّت أخر الليل لتتأكد , أين هو منبّع أنوثتِها ؟ رفض قلبُها
علِمت هي , تسللّت أخر الليل لتتأكد , أين هو منبّع أنوثتِها ؟ رفض قلبُها
المُحِب له التصّديق , و أنكر عقلُها الواقِع المرير , لا يتساوى هو بهم ..
لا لن يُّجن , لن يُّجن ..
أخيراً سقطت الدمعة التي أذابت الغشاوة , تدلت تِلك الدمعة لتفتح السِتار , ذُرِفت
لا لن يُّجن , لن يُّجن ..
أخيراً سقطت الدمعة التي أذابت الغشاوة , تدلت تِلك الدمعة لتفتح السِتار , ذُرِفت
لتُنقذ أنوثتها و تُبدِّد زمن الرجولة الباطِلة بحقِها ..
و لكِن !
عادّت رغبة الانتِقام لتُحرِق من أذى رجُلها , من مسّ سر جنونِها , من
و لكِن !
عادّت رغبة الانتِقام لتُحرِق من أذى رجُلها , من مسّ سر جنونِها , من
أزال عقل محبوبٍ تربّع عقلها ..
أحرقتهّن و هن نيام , سلمت نفسها بعد أن رحل عن دُنياها , وصلتها في
أحرقتهّن و هن نيام , سلمت نفسها بعد أن رحل عن دُنياها , وصلتها في
سجنِها رسائِلٌ كتبها قبل أن يُّجن دوّن فيها رغباتِه , أمنياته , حُبه الذي قاده
نحو الجنون , ذكرّها بقُبلّة أبت أن تُقدِمُها له إلا بعد زفافِهم الصيف القادِم , ضربت
رأسها المرة تلو الأخرى , هرعوا إليها , نُقِلّـت للمُستشفى , صارت تخاف
الظُلمة , تخاف أطياف من أذاتهم , عاشت ما تبقى مِن عُمرها في وِحدة , في
عالمٍ أسود تنتظِر أن تموت بعد أن تابت ليُفرِج المولى عنها ..
النِهاية
بقلمي المتواضع ..
0 التعليقات:
إرسال تعليق
" فيضوا بِما لديكُم "